tgoop.com/menber10/1940
Last Update:
المنافقون وأوقات الأمة الحرجة .. !!
الخطلة الأولى:
الحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هدى للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين، ونبراساً للمهتدين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، هدى به من الضلالة، وذكر به من الغفلة، وأمر فيه بالتقوى ... فسبحان من يعلم السر والنجوى ويكشف الضر والبلوى ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن ترسم خطاه وسار على نهجه، ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران، وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : -
أيها المؤمنون :بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة التاسعة الهجرية أن الروم تتجمع لحربه ولتهديد الدولة الإسلامية في ذلك الوقت، يريدون مبادرته بالحرب قبل أن يبادرهم؛ لكونه قد أذاقهم مرارة الهزيمة في غزوة مؤتة التي جلبوا لها مائتيْ ألف، ولم يتمكنوا من إبادة ثلاثة آلاف مقاتل؛ بل ولا هزيمتهم، عند ذلك أعلن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأول مرة عن مقصده، وأعلن التعبئة، ووضع الخطة، واستعد لإدارة صراع مرير مع الكفر والنفاق.
ونادى صلى الله عليه وسلم في المسلمين فتجهز أقوام وأبطأ آخرون، تجهز ثلاثون ألف مقاتل قد باعوا أنفسهم لله، وأعلنوا نصرة لا إله إلا الله و تساقط المنافقون، ومَن يرد الله فتنته فلن تجد له سبيلاً! ها هو أحد المنافقين يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- له: "هل لك في جلاد بني الأصفر؟!"، يعني الروم، فيقول: يا رسول الله: ائذن لي ولا تفتني؛ فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل أشد عجبًا بالنساء منِّي، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر.
فَرَّ من الموت وفي الموت وقع، أعرض عنه -صلى الله عليه وسلم- وعذَره، لكن الذي يعلم خائنة الأعين، والذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فَضَحَهُ وأذلَّه وأنزل فيه قرآنًا يُتلى: (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ) [التوبة:49].
ويأتي سبعة رجال مؤمنون صادقون، لكنهم فقراء لم يجدوا زادًا ولا راحلة، وعزّ عليهم التخلف، نياتهم صادقة لكن ليس هناك عدة، فأتَوْا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولون: يا رسول الله: لا زاد ولا راحلة! ويبحث لهم -صلى الله عليه وسلم- عن زاد وراحلة فلا يجد ما يحملهم عليه؛ فرجعوا (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) [التوبة: 92].
عباد الله: ها هي ثمار المدينة تدنو للحصاد، و الحر شديد، والمسافة إلى بعيدة والعدو مئات الآلاف مدججين بأقوى أنواع الأسلحة ويبتلي الله مَن يشاء مِن عباده: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) [العنكبوت:2].
ويخرج -صلى الله عليه وسلم-، وقبل مسيره تقوم فرقةٌ للصَدِّ عن سبيل الله من أهل النفاق، تُثبِّط الناس وتزهّد في الجهاد-: يقولون لا تنفروا في الحَرِّ! تشكك في الحق، وترجف برسول الحق، ويتولى الحق -سبحانه- الرد: (وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) [التوبة:81].
وينتهي المسير بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى تبوك، ويقيم بضع عشرة ليلة حافلة بالأحداث المثيرة، ولما علم الروم بقوم جيش المسلمين ولوا هاربين فقد قذف الله الرعب في قلوبهم وكفى الله المؤمنين القتال.
عباد الله: إن الآيات التي أنزلها الله في كتابه المتعلقة بغزوة العسرة هي أطول ما نزل في قتال المسلمين وخصومهم، وقد بدأت باستنهاض الهمم لرد هجوم الروم ، وإشعارهم بأن الله لا يقبل ذرة تفريط في حماية دينه ونصرة نبيه، وإن التراجع أمام الصعوبات الحائلة دون قتال الروم، يعد مزلقة إلى الردة والنفاق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ*إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة: 38، 39.
بل عاتب القرآن الكريم من تخلف عتابًا شديدًا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها -وعاتب من تخلف عنها- والآيات الكريمة جاءت بذلك، كقوله تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) التوبة: 41.
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1940