tgoop.com/menber10/1941
Last Update:
أيها المؤمنون: من الدروس من غزوة تبوك أن الله تعالى كتب العزة والقوة لهذه الأمة متى صدقت وأخلصت؛ فها هي دولة الإسلام الناشئة تقف في وجه الكفر كله بقواه المادية فتهزمه وتنتصر عليه: (وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ).
ومن هذه الدروس: أنه ما تسلل العدو سابقًا ولاحقًا إلا من خلال الصفوف المنافقة، ولم يكن الضعف والتفرقة في هذه الأمة إلا من قِبَل أصحاب المسالك الملتوية: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) [التوبة:47].
أن النفاق داء عضال، وانحراف خلقي خطير في حياة الأفراد، والمجتمعات، والأمم، فخطره عظيم، وشرور أهله كثيرة، وتبدو خطورته الكبيرة حينما نلاحظ آثاره المدمرة على الأمة كافة.
قال ابن القيم -رحمه الله- وهو يتحدث عن المنافقين وخطرهم على الدين والأمة: "فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه! وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه! وكم من عَلم له قد طمسوه! وكم من لواءٍ له مرفوع قد وضعوه! وكم ضربوا بمعاول الشُّبَهِ في أصول غراسه ليقلعوها! وكم عمّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها! فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شُبَهِهِم سريةٌ بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون، ولكن لا يشعرون، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون". اهـ
إن النفاق اليوم له قيادة، وهذه القيادة تخطط وتنظم حركة أتباعه، ويغذونهم بالباطل والكفر والخيانة، والقرآن يسمي هذه القيادة بالشياطين: (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ ءامَنُواْ قَالُوا ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَـاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة:14].
وقد أثبت التاريخ يومًا بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها وجنايتهم عليها تزيد على كل النكايات والجنايات، فالكفر الظاهر -على خطره وضرره- يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام، ولن يحرز نصرًا عليها في أي موطن ما لم يكن مسنودًا بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين، يتسمى بأسماء المسلمين، يمد الأعداء بالعون، ويخلص لهم في النصيحة، ويزيل من أمامهم العقبات، ويفتح لهم الأبواب.
عباد الله: إن خطورة المنافقين تكمن في موالاة الكافرين ونصرتهم على المؤمنين، قال تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [النساء:138-139].
وأما عن مناصرة المنافقين لليهود فلهم في ذلك صولات وجولات، فقد سطرت كتب التاريخ مواقف غدر وخيانة لهم مع بني قينقاع وبني النضير، سجل القرآن أحداثها، يقول الله -عز وجل-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) [الحشر: 11-12].
ومن خطورتهم العمل على توهين المؤمنين وتخذيلهم: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً) [الأحزاب:12-13].
ومن ذلك تدبير المؤامرات ضد المسلمين، والمشاركة فيها، والتاريخ مليء بالحوادث التي تثبت تآمر المنافقين ضد أمة الإسلام، بل واقعنا اليوم يشهد بهذا، فما سقطت فلسطين واحتلت وتعرّض أبناؤها للقتل والاغتيالات والتشريد، وما دمّرت العراق وأفغانستان، وما حدثت المشاكل والحروب والقلاقل في بلاد المسلمين إلا كان للمنافقين الدور الأعظم في ذلك
وما طُعن في الدين وأحكامه، وما نشرت الرذيلة وطمست الفضيلة في مجتمع إلا كان للمنافقين الدور الأكبر في ذلك،
واليوم وما يحدث في غزة وفلسطين ظهر النفاق وأهله بصور ورايات ولافتات مختلفة، فحقيقة هؤلاء المنافقين تظهر جلية في أيام الأمة الحرجة فيظهر دورهم في التثبيط وتفخيم شأن العدو والتقليل من جهود المؤمنين المقاومين والتشكيك بجدوى المقاومة المتواضعة والطعن في النوايا وشق الصف وتمني ظهور العدو وقلب الحقائق وأحيانا الدعوة للوقوف على الحياد ومحاولة التوفيق بين الحق والباطل والغمز واللمز في المجاهدين وقتل الشعور لدى الناس بالمسؤولية تجاه أحداث الأمة العظيمة فيقولون ليست
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1941