tgoop.com/menber10/1955
Last Update:
من أسباب صلاح القلب:
المداومة على العمل الصالح ( 1 )
الحمد لله الذي تفرد بالعز والجلال، وتوحد بالكبرياء والكمال، وجلّ عن الأشباه والأشكال أذل من اعتز بغيره غاية ، الإذلال، وتفضل على المطيعين بلذيذ الإقبال، بيده ملكوت السماوات والأرض ومفاتيح الأقفال، لا رادّ لأمره ولا معقب لحكمه وهو الخالق الفعال.. واشهد إن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد وهو علي كل شيء قدير ، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدٌ عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه الذي أيده بالمعجزات الظاهرة، والآيات الباهرة، وزينه بأشرف الخصال وعلي آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه و من اتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين، أما بعـــد:
عبـاد الله : - أيها المؤمنون: القلب ملكٌ والأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده ، والقلب عليه تدور سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة وإن الشقاء والتعاسة التي يعيشها كثير من الناس إنما سببها عدم راحة القلوب والصراع الذي تعيشه البشرية اليوم أفراد وجماعات ودول قد لا يدرك الكثير أن سبب ذلك فساد القلوب .. والقلق والهموم التي اجتاحت العالم يعود سببها إلى ضيق القلوب وقسوتها وبعدها عن غذائها الروحي وأسباب حياتها ، فالقلب وعاء كل شيء في حياة الإنسان ، فكان من أسباب صلاحه المداومة عللا العمل الصالح الذي يمده بأسباب الحياة،
و العمل لا يكون صالحا إلا بأن يكون موافقا لشرع الله تعالى، وأن يكون خالصا لوجهه سبحانه، فخرج عن دائرة العمل الصالح كل عمل مخترع لم يأت به الشرع، وكل عمل أريد به غير وجه الله تعالى؛ فقد يخلص المتعبد في عبادة مخترعة ولا يقبل ذلك منه، كما في الحدث الصحيح: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، وقد يعمل المرء عملا موافقا للشرع لكنه غير مخلص فيه لله تعالى فلا يقبل منه كذلك ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) {البيِّنة:5} وبفقد الإخلاص أو الموافقة يكون العمل فاسدا.
فالصلاة والصيام وقراءة القرآن ، و الحج والعمرة، و الذكر والدعاء وبذل المعروف وتقديم النفع والصدقة ومساعدة المحتاج، وغيرها ، كلها أعمال صالحه ، وإن من أعظم آثار المداومة عليها، صلاح الأحوال، ومنها صلاح القلوب التي إذا صلحت صلح سائر الجسد، وصلحت أحوال الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) [محمد: 2]. أَيْ: أَصْلَحَ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَقُلُوبَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وَأَصْلَحَ جَمِيعَ أَحْوَالِهِمْ في الدنيا والآخرة.
فالمداومة على الصلاة تصلح القلوب بالنهي عنِ الفحشاءِ والمنكر والتي مصدرها القلب؛ قال - تعالى -: ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) [39]، وتُزكِّي أنفسَهم، وتُقوِّمُ سلوكَهم؛ فعن أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسولَ الله - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - قال: (أَرَأَيْتُمْ لو أَنَّ نَهْرًا بِبابِ أَحَدِكم، يَغْتَسلُ منه كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟)، قَالُوا: لا يَبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ، قال: (فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطايا) (رواه الترمذي).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق) فقال: (إنه سينهاه ما تقول) (رواه أحمد)
و المداومة على الأعمال الصالحات سبب لطهارة القلب من النفاق ونجاة العبد من النار، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق) (أخرجه الترمذي)
معاشر المسلمين: ومن ذلك: المداومة على قراءة القرآن واستماعَه رغبةً في الهدى، وطلبًا للزُّلفَى – فإن ذلك من أعظم أسباب لين القلوب ورقَّتها وصلاحها ؛ قال - تعالى -: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) [ق: 37]، وقال - تعالى -: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) [الزمر: 23].
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1955