tgoop.com/menber10/1964
Last Update:
وجاء في كتاب الله أن الذِّكرى تنفع المؤمنين الذين يخشون ربهم؛ فقال - تعالى -: ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الذاريات: 55]، وقال: ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ) [ق: 45]، وقال - سبحانه -: ( سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَ) [الأعلى: 10]، والتذكير يكادُ يكون مرادفًا للموعظة.
معاشر المسلمين: ﺇﻥ ﻣﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﻴﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻓﺄﻋﻄﻨﻲ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻭﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻧﻤﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ: ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻩ : (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺇِﻥَّ ﻭَﻋْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺣَﻖٌّ ﻓَﻼ ﺗَﻐُﺮَّﻧَّﻜُﻢُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﻻ ﻳَﻐُﺮَّﻧَّﻜُﻢْ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﺍﻟْﻐَﺮُﻭﺭُ * ﺇِﻥَّ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥَ ﻟَﻜُﻢْ ﻋَﺪُﻭٌّ ﻓَﺎﺗَّﺨِﺬُﻭﻩُ ﻋَﺪُﻭًّﺍ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﺪْﻋُﻮﺍ ﺣِﺰْﺑَﻪُ ﻟِﻴَﻜُﻮﻧُﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏِ ﺍﻟﺴَّﻌِﻴﺮِ) [ﻓﺎﻃﺮ 6-5:] .
ﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻫﺬﻩ ﺳﻬﺎﻣﻬﺎ ﺗﺼﻴﺐ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺴﻬﻢ ﻓﺘﺮﺩﻳﻪ ﻫﺎﻟﻜﺎً ﻭﺗﺴﻠﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺍﻟﻤﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ، ﺳﺎﻟﻜﺎً ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﻟﻜﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺧﺮﻗﺖ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻛﻔﺎﻥ ﻭﻣﺰﻗﺖ
ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ ﻭﻣﺼﺖ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺃﻛﻠﺖ ﺍﻟﻠﺤﻢ؟
ﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﺪﺍﻥ؟! ﺃﻟﻴﺴﺖ ﻗﺪ ﻣﺤﺖ ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ ﻭﻋﻔﺮﺕ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﺤﺴﺎﻥ ﻭﻛﺴﺮﺕ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ، ﻭﺃﺑﺎﻧﺖ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﻣﺰﻗﺖ ﺍﻷﺷﻼﺀ؟! ﺃﻟﻴﺲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻮﺍﺀ؟! ﺃﻟﻴﺴﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﺪﻟﻬﻤﺔ ﻇﻠﻤﺎﺀ؟!
ﻗﺪ ﻓﺎﺭﻗﻮﺍ ﺍﻟﺤﺪﺍﺋﻖ ﻓﺼﺎﺭﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﺎﻳﻖ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻱ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻨﺎﺩﻱ : ﻳﺎ ﺳﺎﻛﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻏﺪﺍً ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟!
ﺃﻳﻦ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﻔﻴﺤﺎﺀ؟ ﺃﻳﻦ ﺭﻗﺎﻕ ﺛﻴﺎﺑﻚ؟ ﻟﻴﺖ ﺷﻌﺮﻱ! ﻛﻴﻒ ﺳﺘﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﻮﻧﺔ ﺍﻟﺜﺮﻯ؟ ﻭﺑﺄﻱ ﺧﺪﻳﻚ ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﺒﻠﻰ؟
ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻓﺎﺫﻛﺮﻩ ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻓﻤﺎ ﻷﺣﺪ ﻋﻨﻪ ﺑﺮﺍﺀﻩ ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻠﻔﻴﺼﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻪ
ﻭﺍﻟﻘﺒﺮ ﺭﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺣﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺇﻥ ﻳﻚ ﺧﻴﺮﺍً ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺃﻓﻀﻞ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻨﺎ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﺃﻭ ﻳﻚ ﺷﺮﺍً ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﺪ ﻭﻳﻞ ﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺪ
ﺇﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ!
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﻗَﺪْ ﺟَﺎﺀَﺗْﻜُﻢْ ﻣَﻮْﻋِﻈَﺔٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻭَﺷِﻔَﺎﺀٌ ﻟِﻤَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼُّﺪُﻭﺭِ ﻭَﻫُﺪًﻯ ﻭَﺭَﺣْﻤَﺔٌ ﻟِﻠْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ) [ ﻳﻮﻧﺲ 57:] .
ﻧﻌﻢ , ﻣﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻲ ﻋﻼﺝ ﻗﺴﻮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ، وصلاح لفسادها، ﻓﺈﺫﺍ ﻏﻔﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻼ ﻳﺤﻴﺎ ﺇﻻ ﺑﻤﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺣﺴﻦ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺪﺍﻭﻣﺔ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺍﻃﺄ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ، ﻭﻻ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺗﺴﻤﻊ، ﻭﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻋﻆ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ،
ﻗﺎﻝﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: (ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﻧَّﺎ ﻛَﺘَﺒْﻨَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺃَﻥِ ﺍﻗْﺘُﻠُﻮﺍ ﺃَﻧﻔُﺴَﻜُﻢْ ﺃَﻭِ ﺍﺧْﺮُﺟُﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺩِﻳَﺎﺭِﻛُﻢْ ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠُﻮﻩُ ﺇِﻟَّﺎ ﻗَﻠِﻴﻞٌ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻓَﻌَﻠُﻮﺍ ﻣَﺎ ﻳُﻮﻋَﻈُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻟَﻜَﺎﻥَ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﺃَﺷَﺪَّ ﺗَﺜْﺒِﻴﺘًﺎ * ﻭَﺇِﺫًﺍ ﻟَﺂﺗَﻴْﻨَﺎﻫُﻢْ ﻣِﻦْ ﻟَﺪُﻧَّﺎ ﺃَﺟْﺮًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ * ﻭَﻟَﻬَﺪَﻳْﻨَﺎﻫُﻢْ ﺻِﺮَﺍﻃًﺎ ﻣُﺴْﺘَﻘِﻴﻤًﺎ) [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 68-67:] .
ﻓﺒﺎﻻﺗﺒﺎﻉ ﻫﺪﻯ ﻭﺛﺒﺎﺕ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻷﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ.
أيها المؤمنون: لقد كان صل الله عليه وسلم يحي النفوس ويصلح فساد القلوب بالمواعظ، وجعل الموعظة وسيلة من وسائل تزكيتها،
عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه-قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ » [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)]
نعم .. ذرفت العيون ووجلت القلوب، وهذا ما نحتاجه لنصلح فساد قلوبنا، وحتى نتأسى بالصالحين من قبلنا،
إن المواعظ التي تُرقِّقُ القلوب وتَجْلي الصدور، لها منازلُ عُليا في تاريخنا البعيد والقريب، قد ضمَّتها نفائسُ الأَسفار التي خاطَبتِ الأمة، وبَلَغت أنوارُها الدَّهماء والعامّة؛ وقد حُفظت هذه النفَّائسُ لتكون للناس الزادَ ليوم المَعاد.
خرج هارون الرشيد يوماً في رحلة صيد فمرّ برجل يقال له بُهلول قد اعتزل الناس وعاش وحيداً ..فقال هارون : عظني يا بُهلول قال : يا أمير المؤمنين !! أين آباؤك وأجدادك ؟ من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيك ؟ قال هارون : ماتوا ..قال : فأين قصورهم ؟ قال : تلك قصورهم .. قال : وأين قبورهم ؟ قال : هذه قبورهم ..فقال بُهلول : تلك قصورهم .. وهذه قبورهم .. فما نفعتهم قصورهم في قبورهم ؟ قال : صدقت .. زدني يا بهلول .. قال : أما قصورك في الدنيا فواسعة فليت قبرك بعد الموت يتسع فبكى هارون وقال : زدني فقال : يا أمير المؤمنين : قد ولاك الله فلا يرى منك تقصير ولا تفريط فزاد بكاءه وقال : زدني يا بهلول .. فقال : يا أمير المؤمنين :
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1964