tgoop.com/menber10/1972
Last Update:
إن الأمن مِن نعم الله العظمى، وآلائه الكبرى، لا تصلُح الحياة إلا به، ولا يطيب العيش إلا باستتبابِه؛ ولذلك جعَله الله من نَعيم أهلِ الجنّة الدائم، قال الله تعالى: (اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) [الحجر:46].
لذلك اعتنى الإسلام أشد العناية باستتباب الأمن في مجتمعاته، فشرع الأوامر، ونهى عن الفساد والشرور، وشرع الحدود والزواجر الرادعة، وسن القوانين، قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَلتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَلْعُدْوَانِ) [المائدة:2]، وقال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة:33].
وبيَّن الإسلام أن من أسباب حصول الأمن عمل الصالحات، والاستقامة على سنن الهدى، والابتعاد عن سبل الفساد والردى، قال تعالى: (لَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ) [الأنعام:82]، وقال -عزّ وجلّ-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ) [النور:55].
أيها المسلمون: إن الأمن والاستقرار إذا عَمَّ البلادَ، وألقى بظلِّه على الناس، أَمِنَ الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتَب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سارَ الناس ليلاً ونهارًا لا يخشَوْن إلا الله؛ وفي رِحاب الأمن وظلِّه تعمُّ الطمأنينة النُّفوس، ويسودُها الهُدُوء، وتعمُّها السعادة، أما عندما يحدث الخلل وتنقلب الموازين و ينعدام الأمن، فإن المريض يئنُّ فلا يجد دواءً ولا طبيباً، وتختلُّ المعايش، فتهجَر الديار، وتفارَق الأوطان، وتتفرَّق الأسَر، فلا توصل الأرحام، وتنقَضُ العهود والمواثيق، ويتعسَّر طلبُ الرزق، وتتبدَّل طباعُ الخَلق، فيظهرُ الكَذِب ويغيب الصدق، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين، وتتوقف نهضة البلدان وينحسر المد الحضاري وتفسد الحياة.
فاللهم إنا نسألك الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم…
الخطبة الثانية : الحمدلله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
عباد الله: ألا وان أعظم أمن يجب على الجميع أن يسعى لتحقيقه الأمن من عذاب الله ومكره، قال تعالى: (أَفَمَن يُلقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ القِيَامَةِ) [فصلت:40]؛ وقال تعالى (إِنَّ الذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَليْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأحقاف:13].
فلنحافظ على الأمن في بيوتنا ومجتمعاتنا وأوطاننا، وليقم كل واحد بدوره وواجبه، ولنعلم جميعاً أن هذا الأمن لن يتحقق إلا بعقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وعمل صالح، وخلق حسن، وقوانين وتشريعات تضمن العدل والمساواة والحرية وتحفظ كرامة الإنسان ودمه وعرضه وماله، فمن عمل بمقتضى ذلك، نال الأمن يوم الخوف والفزع العظيم، قال تعالى: (مَن جَاء بِالحَسَنَةِ فَلهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) [النمل:89].
لن يتحقق هذا الأمن إلا عندما تكون قلوبنا سليمة من الحقد والغل والحسد لبعضنا البعض، وتكون ألسنتنا وأيدينا نظيفة من الحرام والدماء والفتن.
وعلينا أن نكثر من الدعاء والإبتهال إلى الله، بأن يمن علينا بالأمن والأمان ولذلك كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه الأمن حين يمسي وحين يصبح؛ فعن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: ” لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي ، وَحِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي ، وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي ، وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.” (النسائي وابن ماجة وأبوداود وصححه الألباني)
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1972