tgoop.com/menber10/1980
Last Update:
قال تعالى (قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَـٰنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)(الأنعام:63، 64).. ركب يونس عليه السلام البحر، فساهم مع ركاب السفينة التي أشرقت على الغرق أيهم يلقى منها لتخفيف حمولتها فكان من المدحضين، فألقي في لجج البحار، وانقطع عنه النهار، والتقمه الحوت، فصار في ظلمات بعضها فوق بعض، فبمن اعتصم؟! لقد نادى في الظلمات: ( أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَـٰنَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ) (الأنبياء:87)، فسمع الله نداءه وأجاب دعاءَه، فنجَّاه من الغم، وكذلك ينجِّي المؤمنين .. وهكذا لا يأتي فرج الله للعبد إلا بعد أن تنقطع من نفسه كل الأسباب المادية والدنيوية لتبقى قدرة الله وقوته ورحمته وحدها في نفس هذا العبد فيعتصم بها .. وانظروا إلى ابن نوحٍ عليه السلام قال تعالى عنه: ( وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ )(هود/42، 43) .. لقد ظن أن هذا الجبل رغم ارتفاعه الشاهق وحجمه الكبير سيكون سبباً لنجاته ولم يفكر بأن الله قادر على كل شيء فيعتصم به ويأوي إليه فخذله هذا الجبل ، وهكذا كل فرد أو جماعة او دولة غافل عن الله يظن أن الجبل الذي سيوفر له السعادة والأمن والنجاة هو الجبل المادي من مال أو قوة أو سلطان أو ذكاء أو منصب وأتباع او دول واسلحة ومتاع ولكن سيجد أن ذلك سراب فكل من يأوي إلى أحد غير الله فمصيره الخذلان ..
إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل ... فلن يخيـب لنا في ربنـا أمـلُ
الله في كل خطب حسبنا وكفـى ... إليـه نرفع شكوانـا ونبتهـلُ
من ذا نلوذ به في كشف كربتنـا ... ومن عليه سوى الرحمن نتكـلُ
فافزع إلى الله واقرع باب رحمتـه ... فهو الرجاء لمن أعيت به السبلُ
عبـــــاد الله : - لعل من أهم الأسباب التي تجعل العبد يأوي إلى غير الله ويعتمد على غيره هو الجهل بمقام الربوبية و الألوهية، فمن لم يعرف رب الناس، ملك الناس، إله الناس، وما له سبحانه من الأسماء الحسنى، والصفات العلا، لا يتصور منه أن يتوكل عليه جل جلاله .. من لم يعرف الله غنياً له ما في السموات وما في الأرض يحتاج إليه كل مخلوق، ولا يحتاج إلى أحد سبحانه . أخبر تعالى عن غناه في الحديث القدسي فقال: "يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، اجتمعوا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر".. ومن لم يعرف الله قديراً، لا يحد قدرته حد، ولا يعجزها ضد: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (يس: 82). تعمل قدرته تعالى من خلال الأسباب التي خلقها، وتعمل -إن شاء سبحانه- من غير الأسباب، آية لنبي، أو كرامة لولي، أو إعانة لمظلوم، أو تفضلاً على محروم: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وان يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير * وهو القاهر فوق عباده، وهو الحكيم الخبير) (الأنعام: 17، 18).. و من لم يعرف الله جواداً كريماً، يده سحاء الليل والنهار، يرزق البر والفاجر، ويعطي المؤمن والكافر: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق، وكان الإنسان قتوراً) (الإسراء: 100) .. ولم يعرف الله قهاراً أخذ الجبابرة العتاة، المتألهين في الأرض، أخذ عزيز مقتدر، فما كان لهم من فئة ينصرونهم من دون الله وما كانوا من المنتصرين. كما قال تعالى: (فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا، وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) (العنكبوت: 40).. وقال تعالى: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ - أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ - أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ - أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) (الأعراف: 96 – 99) .. من لم يعرف الله تعالى بهذه الأسماء، والصفات وغيرها، لا ينتظر منه أن يجعل اعتماده عليه أو يعتصم به ..
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1980