tgoop.com/menber10/1997
Last Update:
سلسلة أثر الإيمان:
أثر الإيمان في الشوق إلى دار السلام
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي سهل لعباده إلى مرضاته سبيلاً وأوضح لهم الهداية وجعل الرسول عليها دليلاً ..
ورضي لهم نفسه رباً .. والإسلام ديناً محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً أحمده حمد من لا رب له سواه وأشكره على جزيل فضله وعطاياه وأشهد أن الحلال ما أحلَّه .. والحرام ما حرمه والدين ما شرعه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين الذي يأمر وينهى ويفعل ما يشاء وأشهد أن محمداً عبده المصطفى ونبيه المرتضى الذي لا ينطق عن الهوى أرسله على حين فترة من الرسل .. فهدى به إلى أوضح السبل أشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها..وتألفت به القلوب بعد شتاتها فصلوات الله وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار وتعاقب الليل والنهار أمَّا بَعْــــــــد: -
أيها المؤمنون: جاء رجل إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليكتب له عقد بيت اشتراه ، فنظر علي إلى الرجل فوجد أن الدنيا متربعة عَلَى قلبه وقد فتن بها وغرته أمواله فأراد الأمام علي أن يوصل له رسالة توقظه من غفلته فكتب : اشترى ميت من ميت بيتا في دار المذنبين له أربعة حدود، الحد الأول يؤدي إلى الموت ، والحد الثاني يؤدي إلى القبر والحد الثالث يؤدي إلى الحساب والحد الرابع يؤدي إما للجنة وإما للنار ..! فقال الرجل لعلي : ما هذا يَا عَلْي ، ما جئتك لهذا ، فقال له الأمام علي :-
النفس تبكي عـلى الدنيـا وقـد علمـت *** أن السلامة فيها ترك ما فيهـا
لادار للمرء بعـد الموت يسكنهــا *** إلاالتي كان قبل الموت يبنيهـا
فـاءن بنـاهـا بخير طـاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيهـا
أين الملوك التي كانت مسلطنـه *** حتى سقاها بكاس الموت ساقيهــا
أموالنا لذوي الميراث نجمعهـا *** ودورنا لخراب الدهر نبنيهـا
كم من مدائن في الأفاق قد بنيـت *** أمست خرابا وأفنى الموت أهليهـا
لاتركنن إلى الدنيا وما فيها *** فالموت لاشك يفنينا و يفنيهـا
وإعمل لدار غداً رضوان خازنها *** والجار أحمد والرحمن ناشيهـا
قصورها ذهب والمسك طينتها *** والزعفران حشيش نابت فيهـا
أنهارها لبن محض ومن عسل *** والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة *** تسبح الله جهراً في مفاتيهـا
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها *** بركعه في ظلام الليل يحييهـا
فقال الرجل لعلي أشهدك أني قد جعلتها لله ورسوله ..
عبـــــــــاد الله : - إن المرء ليتساءل ماذا بعد هذه الحياة وهذا التعب وهذا الكدح أليس إلى الموت الذي يأتي على الصغير والكبير والرجل والمرأة والحاكم والمحكوم والغني والفقير والمسلم والكافر والبر والفاجر ثم إن الأمر لا يتوقف عند ذلك بل هناك بعث وحياة أخرى وجنة أو نار فليس من العدل أن تكون هناك حياة يتساوى فيها المسلم والكافر والمجرم والفاسق والعابد والعاصي والظالم والمظلوم وتنتهي هذه الحياة بالموت ثم لا يكون هناك مكافأة المحسن على إحسانه ومحاسبة المسيء على إساءته فإن من تمام عدل الله إن جعل هناك يوماً آخر بعد الموت هو يوم العدل والحق والجزاء والحساب قال تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185) والمؤمن مالذي يدفعه إلى الصبر والبذل والعطاء وتحمل المشاق والإلتزام بأوامر الدين والبعد عن الحرام ومساوئ الأخلاق والرضا بما جاء من عند الله من أقدار أليس طمعاً وشوقاً في جنة الله ورضوانه في ذلك اليوم ؟
والمؤمن هو أكثر الناس شوقاً إلى هذه الجنة بإيمانه ويقينه وتصديقه بوعد الله ووعيده وبعلمه أن ثمرة صبره وعبادته وإخلاصه لله ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم دخول الجنة والحياة الأبدية فيها قال تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:82) وقال عز من قائل ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء:124) ... من هنا اشتاقت نفوس الصالحين إلى الجنة حتى قدموا في سبيل الوصول إليها كلَّ ما يملكون هجروا لذيذ النوم والرقاد ، وبكوا في لأسحار ، وصاموا النهار ، وجاهدوا الكفار ، فلله كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا إليها من حسن أعمالهم ، وطيب أخبارهم ، ولذة مناجاتهم ، فلا إله إلا الله ..
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/1997