tgoop.com/menber10/2049
Last Update:
فطلع رجل من الأنصار فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل فتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص يريد أن يعرف ما هي المؤهلات التي بلغت بهذا الرجل الجنة ؟ فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت ، فمكث عنده ثلاث ليالٍ فما وجده كثير صلاة ولا صيامٍ ولا قيام ... فسأله عن العمل الذي بلغ به هذه المنازل العالية فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ) (رواه الإمام أحمد/12286 وسنده صحيح) ...
الله أكبر يا لها من صدور طاهرة صافية نقية ، لا تحمل حقدا ، ولا تعرف حسدا ، ولا تُكن غلا ، تلك القلوب ليس لها جزاءاً إلا الجنة وأعمال أصحابها ترفع إلى السماء ويكتب لها القبول لأنها قلوبٌ خلت من الشحناء والبغضاء التي دمرت حياة المسلمين اليوم وقطعت روابط الود والمحبة والإخاء فيما بينهم ... فكم قضت الأحقاد على علاقات وكم خربت من بيوت وكم تمكنت من صدور فحولتها إلى خصومة مع الآخرين فضيعت لذة الإيمان وأوهنت عرى التقوى، كم من شحناء فاضت بها القلوب شهور وسنوات، بل قد يغادر هذا الإنسان هذه الدنيا وقلبه مليء بالحقد والحسد والبغضاء والشحناء، وعندما تبحث عن أسبابها تجدها أمور تافهة ومواقف عابرة وكلمات فهمت على غير حقيقتها، وقد تكون بسبب متاع زائل.
قال الخليل:
سأُلزمُ نفسي الصَّفحَ عن كلٍّ مذنبٍ ** وإن كثرتْ منه عليَّ الجرائمُ
فما النَّاسُ إلَّا واحدٌ مِن ثلاثةٍ ** شَرِيفٌ ومَشْرُوفٌ ومِثْلي مُقَاوِمُ
فأمَّا الذي فوقي فأعرفُ فضلَه ** وأتبعُ فيه الحقَّ والحقُّ لازمُ
وأمَّا الذي مثلي فإنْ زلَّ أو هفا ** تفضَّلت إنَّ الفضل بالعز حاكمُ
وأمَّا الذي دوني فإن قال صُنتُ عن ** إجابتِه عرضي وإن لام لائمُ
أيها المسلمون: وفي هذا الشهر، شهر شعبان ليلة عظيمة ينظر الحق سبحانه وتعالى إلى عباده فيمُنَّ عليهم بالغفران وتتنزل عليهم الرحمات ، روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ليطّلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ) (رواه ابن ماجة وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1144)
وفي رواية أبي ثعلبة الخشني يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ اطَّلَعَ اللهُ إلى خلْقِه فيغفرُ للمؤمنينَ، ويُملي للكافرينَ ويدعُ أهلَ الحِقْدِ بحقدِهم حتى يدَعوه) (حسنه الألباني).
فالمغفرة والرحمة في هذه الليلة لجميع عباد الله المؤمنين الموحدين إلا لم يحمل صفتين الأولى خطرها عظيم على التوحيد والعقيدة وهي الشرك و الصفة الثانية التي يحرم صاحبها من عفو الله ومغفرته في هذه الليلة فهي المشاحنة والبغضاء والمخاصمة والعداوة بين المسلمين، والتي بسببها لم تفسد حياة الناس فقط، بل فسد دينهم وفسدت أخلاقهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة و الصيام و الصدقة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة . لا أقول : إنها تحلق الشعر و لكن تحلق الدين ) (صحيح الألباني / غاية المرام / 414).
إن سلامة الصدر ونقاءه، مفتاح المجتمع المتماسك، الذي لا تهزه العواصف، ولا تؤثر فيه الأحداث والفتن والمحن، وبالمقابل يا ترى كيف يكون مجتمع تسوده الدسائس والصراعات والبغضاء والأحقاد والمؤامرات والفتن، وتمتلئ قلوب أفراده غشاً وحسداً وخصومة وفجور وكراهية وأمراضاً؟ أذاك مجتمع أم غابة وحوش وذئاب؟ الله المستعان على مانرى ونسمع ونشاهد في هذا الزمان.
أيها المؤمنون: إن أعظم عبادة في هذه الليلة، بل وفي سائر حياتنا وأيامنا تصفية إيماننا وعقيدتنا من الشرك بكل صوره، فلا يعبد إلا الله ولا يطلب إلا من الله ولا يتوكل إلا على الله، ولا ينفع ولا يضر إلا الله، ولا يستعاذ ولا يستغاث إلا به سبحانه، فلا ينفع ولا يضر بشر ولا حجر ولا قبر ولا شجر ولا إنسان إلا بإذن الله، ولا يحكم إلا شرعه ولا يهتدى إلا بهديه ولا يتبع إلا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فنحرص على سلامة العقيدة وصفاء التوحيد، ولذلك كانت أهم وصية يعقوب عليه السلام لبنيه وهو يودع الدنيا، الدين والتوحيد والعقيدة السليمة كما قال تعالى: ( أمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ]البقرة:133[.
BY زاد الخطباء
Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/2049