MENBER10 Telegram 2094
خطبة جمعة :
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل



tgoop.com/menber10/2094
Create:
Last Update:

خطبة جمعة :
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل

BY زاد الخطباء


Share with your friend now:
tgoop.com/menber10/2094

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Administrators Telegram is a leading cloud-based instant messages platform. It became popular in recent years for its privacy, speed, voice and video quality, and other unmatched features over its main competitor Whatsapp. Members can post their voice notes of themselves screaming. Interestingly, the group doesn’t allow to post anything else which might lead to an instant ban. As of now, there are more than 330 members in the group. Clear The creator of the channel becomes its administrator by default. If you need help managing your channel, you can add more administrators from your subscriber base. You can provide each admin with limited or full rights to manage the channel. For example, you can allow an administrator to publish and edit content while withholding the right to add new subscribers.
from us


Telegram زاد الخطباء
FROM American