tgoop.com/mohdromih_drs/1102
Last Update:
.
أخوك نفسك!
آيات في كتاب الله نقرؤها، نراها أنزلت المؤمنَ منزلة النفس، وأقامت أخوة الدين أعظم من مقام أخوة النسب.
وذلك لعظيم حق المسلم على أخيه، وعلو منزلة الأخوة الدينية.
فقال سبحانه: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِئكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ﴾.
فقوله: ﴿فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ﴾، أي اقتلوا إخوانكم ممن تاب من عبادة العجل.
وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَكُمۡ لَا تَسۡفِكُونَ دِمَاۤءَكُمۡ وَلَا تُخۡرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ ثُمَّ أَقۡرَرۡتُمۡ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ﴾
فليس اﻟﻤﺮاﺩ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﻔﻚ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﺩﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻳﺨﺮﺝ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺩاﺭﻩ، وليس ﻣﻔﻌﻮﻝ ﺗﺴﻔﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺩﻣﺎء اﻟﺴﺎﻓﻜﻴﻦ.
ولكن سفك الدماء وإخراج النفس هنا أي سفك دماء أخوة الدين، وإخراجهم من بلادهم.
قال ﻗﺘﺎﺩﺓ: ﻧﻔﺴﻚ ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺃﻫﻞ ﻣﻠﺘﻚ.
وكذا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوۤا۟ أَمۡوَ ٰلَكُم بَیۡنَكُم بِٱلۡبَـٰطِلِ﴾.
﴿تَأۡكُلُوۤا۟ أَمۡوَ ٰلَكُم﴾ أي تأكلوا أموال إخوانكم.
وفي قوله تعالى: ﴿لَّوۡلَاۤ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ ظَنَّ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمۡ خَیۡرࣰا وَقَالُوا۟ هَـٰذَاۤ إِفۡكࣱ مُّبِینࣱ﴾.
أي ظنوا بإخوانهم خيرًا.
وفي قوله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلۡتُم بُیُوتࣰا فَسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ تَحِیَّةࣰ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُبَـٰرَكَةࣰ طَیِّبَةࣰ﴾.
أي سلّموا على إخوانكم.
وفي قوله سبحانه: ﴿وَلَا تَلۡمِزُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ﴾.
أي لا تلمزوا إخوانكم.
ﻓﻘﺎﺗﻞ ﺃﺧﻴﻪ ﻛﻘﺎﺗﻞ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻻﻣﺰﻩ ﻛﻼﻣﺰ ﻧﻔﺴﻪ!
ﻓﻮﺟﻪ الإﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺿﻤﻴﺮ الفاعلين ﺃﻥ ﻫﺬﻩ اﻷﺣﻜﺎﻡ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻣﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﻟﻮﻝ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻉ الأمة، لأنها ﺭاﺟﻌﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺃﻭ اﻟﻤﻔﺴﺪﺓ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ.
ومنه ما جاء عن الأحنف ﺑﻦ ﻗﻴﺲ وقد قُتل ولده، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺎﺗﻠﻪ ﺃﺧﻮ اﻷﺣﻨﻒ! ﻓﺄتي بأخيه ﻣﻜﺘﻮﻓًﺎ ﻟﻴﺄﺧﺬﻩ ﺑﻪ! ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺑﻜﻰ ﻭﺃﻧﺸﺪ:
ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﺗﺄﻧﻴﺒًﺎ ﻭﺗﺴﻠﻴﺔ ** ﺇﺣﺪﻯ ﻳﺪﻱ ﺃﺻﺎﺑﺘﻨﻲ ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺩ!
كلاهما ﺧﻠﻒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ** ﻫﺬا ﺃﺧﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﺩﻋﻮﻩ ﻭﺫا ﻭﻟﺪﻱ!
ﻭﻣﻦ ﻫﺬا ﻗﻮﻝ اﻟﺤﺎﺭﺙ بن وعلة الجرمي:
ﻗﻮﻣﻲ ﻫﻢ ﻗﺘﻠﻮا -ﺃﻣﻴﻢ- ﺃﺧﻲ ** ﻓﺈﺫا ﺭﻣﻴﺖ ﻳﺼﻴﺒﻨﻲ ﺳﻬﻤﻲ!
ﻓﻠﺌﻦ ﻋﻔﻮﺕ ﻷﻋﻔﻮﻥ ﺟﻠﻼ ** ﻭﻟﺌﻦ ﺳﻄﻮﺕ ﻷﻭﻫﻨﻦ ﻋﻈﻤﻲ!
وهكذا يزكي القرآن المؤمنين، ويعظهم في حق إخوانهم، ويعلمهم كيف ينزلون إخوانهم مقام أنفسهم.
ومن أنزل أخاه منزلة نفسه؛ لم يبغ عليه!
ومن أنزل أخاه منزلة نفسه؛ لم يسِئ به الظن! وحمل كلامه على أحسن المحامل!
ومن أنزل أخاه منزلة نفسه؛ لم يتساهل في حقه، من مال وعرض.
ومن أنزل أخاه منزلة نفسه؛ فرح لفرحه، وحزن لحزنه، ولم ينفِس عليه نعمة، ولم يحسده في كرامة.
ومن أنزل أخاه منزلة نفسه؛ صبر عليه، واحتمل له، وغفر له وآثره!
ثم قارن ذلك بما تجده عند بعضهم من بروز الأثرة، وطغيان حب النفس، وكثرة الحديث عن تجاهل الناس، والاهتمام بالنفس أولًا ثم بالنفس ثانيًا!
قارن تربية القرآن بالتربية الفردانية الغربية التي سرت إلى المسلمين بواسطة بعض كتب تطوير الذات، ودورات الهندسة النفسية، التي تضخّم الأنانيّة، وتتمدح بالأثرة، وتعذل على الإيثار، وتسذّج أصحابه!
BY قناة: محمد آل رميح.
Share with your friend now:
tgoop.com/mohdromih_drs/1102