tgoop.com/mohdromih_drs/1103
Last Update:
.
ختام قصة فتية الكهف
في ختام قصة فتية الكهف جاءت الوصايا القرآنية معتقبة قصتهم بجملة من الوصايا التي تناسب تلك الحادثة العجيبة.
وللقرآن طريقة معهودة في مقدمات الأخبار والقصص، وخواتيمها.
والمتدبر لكتاب الله يجب أن يعتني بذلك، وأن يرى علائق القصة بمقدماتها وما يعقبها، فهو من كمال فهم الأخبار والقصص القرآنية، كما تجد ذلك في ختام قصة ذبح البقرة، وختام قصة موسى ﷺ مع قومه في الأعراف، وختام قصة يوسف عليه السلام في آخر سورة يوسف.
فختمت قصة الفتية المؤمنين بالحديث عن ثلاث قضايا ترَقّى فيها الخطاب بحسب الترتيب الشرعي.
فجاء الحديث عن المنهج، ثم أصحاب المنهج، ثم خصوم المنهج!
جاء الحديث عن اتباع الكتاب.
ثم الصبر مع المؤمنين بالكتاب والإعراض عن غيرهم.
ثم دعوة من لم يتبع الكتاب.
على هذا النحو:
١•• فقال ﷻ: ﴿وَٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدࣰا﴾.
ففي وسط تهويشات كفار قريش، وتشكيكات المبطلين بأحداث فتية الكهف، يأمر نبيه ﷺ بتلاوة الوحي فحسب، والمضاء دون التفات للتهويشات والتشويشات.
ونبهه ربّه إلى أمرين:
١) أن الحق ماض، والكتاب عزيز، والشريعة باقية لا مبدل لها، ولا مغير.
٢) ثم نبه أن من حرّف أو بدّل أو غيّر فلا يضر إلا نفسه، ولن يجد له ناصرًا ولا معينًا.
وهي موعظة لكل من تؤلمه اعتراضات أهل الباطل، وإرجافهم وبغيهم:
اثبت على الحق، فالحق باق لن يبدل
واحذر التبديل، فمن بدل فإنما يضر نفسه.
٢•• ثم قال تعالى: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا﴾.
وفي هذه الآية فوائد كثيرة، منها:
١) فبعد ذكر قصة الفتية الصالحين، الذين تعاونوا على الحق، وذكر فرارهم إلى الله، وبعد خبر قصص بلائهم وما نالهم في ذات الله؛ أمر الله بالصبر مع الصالحين، وعدم التولي عنهم.
٢) وفيه إشارة إلى أنّ من أسباب تثبيت الله لهم؛ أنهم كانوا مجتمعين يتعاونون على الحق، ويصبّر بعضهم بعضًا، وليسوا منفردين، كل واحد له شأنه، «فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»! رواه أحمد وأبو داود.
٣) وتأمل قوله: ﴿وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ﴾، وهو أسلوب منفرد في القرآن لم يأتِ إلا في هذا الموضع، فإن الأمر بالصبر في القرآن لا يذكر معه مفعوله عادة، ولكن أتى هنا، وهو بمعنى احبس نفسك مع هؤلاء المخلصين المتيقّظين الذين لا يريدون دنيا ولا يبتغون شرفًا، ولكنهم يريدون الله.
فهؤلاء هم الذين ينبغي أن يأوي إليهم أهل الدعوات، وأن يسكن لهم أهل الإصلاح.
٤) وقد وصف الله هؤلاء الصالحين بوصفين:
- الديمومة على الدعاء والذكر والعبادة والصلاة في كل وقت، ولذا قال: {یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ}.
- الإخلاص، ولذا قال: {یُرِیدُونَ وَجۡهَهُ}.
٥) وتأمل أنه قال: ﴿وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ﴾
فإن فيه إشارة إلى ملازمة الصالحين، حتى كأن ﻋﻴﻨﻴﻪ لا تعدو ولا تفارقهم.
٦) وقد نهى الله عن ترك صحبتهم، ثم عقّب بذكر سبب مؤثر من أسباب هجر الصالحين، وترك ملازمتهم، فقال: ﴿وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا﴾.
ولقد رأيت ورأى غيري وصاو من المعروف في أحوال الناس؛ أن المتنسك يبدأ في أول أمره يلازم الصالحين فيبقى عليه بهجة الطاعة، ويمون خفيف الحاذِ قليلة دنياه، ثم إذا كبر في السن، ونال من الدنيا ما نال، قلّت صحبته للصالحين، فظهر عليه الخلل وضعف وذبلت نداوته وذهبت بهجته!
٧) ثم نهاه ربه أن يطيع من هم بضد السابقين، فوصفهم بصفات:
- الغفلة عن الذكر، والإعراض عن الحق.
- اتباع الهوى، والإقبال مع الهوى.
- التضييع في الأمر، وعدم الحزم مع النفس.
وهي بضد صفات المتقين الماضية:
فالذكر يقابله الغفلة.
والإخلاص يقابله اتباع الهوى.
=
BY قناة: محمد آل رميح.
Share with your friend now:
tgoop.com/mohdromih_drs/1103