tgoop.com/moktafatK/1150
Last Update:
لا أرى ما هو أجدر بالاستهجان مما يكتسِبه المثقف من عادات فكرية تنزع به نحو ما يسمّى «التفادي» أي النكوص أو التخلِّي (الذي يُمارسه الكثيرون) عن الثبات في موقفه القائم على المبادئ، على صعوبة ذلك، وهو يعلَم عِلم اليقين أنه الموقف الصائب ولكنه يختار ألا يلتزم به، فهو لا يُريد أن يظهر في صورة من اكتسى لونا سياسيّا أكثر مما ينبغي له، وهو يحاول ألا يظهر في صورة من يختلف الناس عليه، وهو يحتاج إلى رضاء رئيسه عنه، أو رضاء من يمثّل السلطة، ويريد الحفاظ على سُمعته باعتباره متوازنا، موضوعيّا، معتدلا، وهو يأمل أن يُطلب من جديد لإسداء المشورة، أو للاشتراك في عضوية مجلسٍ أو لجنة ذائعة الصيت، وأن يظلّ من ثم في التيار الرئيسي للقادرين على تحمّل المسئولية، ويأمل أن يحصل يومًا على شهادةٍ فخرية، أو جائزة كبرى، وربما منصب سفير في دولة أجنبية.
هذه العادات الفكرية هي مصدر الفساد لدى المثقف دون منازع، وإذا كان ثمَّة شيء قادر على تشويه الحياة الفكرية المشبوبة و«تحييدها» ثم قتلها في النهاية، فهو استيعاب المثقف لهذه العادات..
المثقف والسلطة | إدوارد سعيد
BY قراءات
Share with your friend now:
tgoop.com/moktafatK/1150