tgoop.com/newsghlq/8574
Last Update:
إنها الرؤية الحكيمة، ليست رؤية ذلك الذي يفكر في ممتلكاته البسيطة، يفكر في نفسه هو فيرى نفسه أغلى من الدين بكله، يرى نفسه أغلى من نفس الرسول، أغلى من نفس علي، أغلى من نفس الحسن، أغلى من نفس الحسين.
متى يمكن أن يكون لإنسان يفكر هكذا تفكير قيمة عند الله؟ متى يمكن أن يُمنح إنسان على هذا النحو عزة من الله؟ لا، إنه بهذا التفكير يُعتبر تجسيداً صادقاً لمن يَعْشُ عن ذكر الرحمن {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَـهُ شَيْطَانـاً فَهُوَ لَـهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36).
كم هو الفارق بين أن تكون في الاتجاه الذي يمنحك الله فيه العزة، يمنحك الله فيه القوة، التأييد، يمنحك الله فيه سلامة آخرتك وإن لم تسلم دنياك؟ كم هو الفارق بين واقع شخص على هذا النحو وبين شخص يُقَيِّض لـه الله شيطاناً يصبح قريناً لـه {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف:37) وواقع إنسان يُسلط الله عليه شرار عباده، يسلط الله عليه من يسومه سوء العذاب في دنيـاه، وفي يـوم القيامـة سـوء الحسـاب، وسوء العذاب في نار جهنم؟ نعوذ بالله من نار جهنم.
إن علياً (صلوات الله عليه) - وإن وجدناه [سَقَطَ] بل نقول صعد إلى ربه شهيداً - إنه ما يزال حياً كما أن هذا القرآن الـذي قرنـه بـه الرسـول حياً، حياً فيما يعطيه من هدى، من نور، من دروس، من عظة، من عبـر، حيـاً فيمـا يعطيـه الأحـرار، فيمـا يعطيه المجاهدين، فيما يعطيه الصادقين من دروس تجعلهم يذوبون في هذا الدين.
أنت عندمـا تنظـر إلى نفسـك، أنـا عندمـا أنظر إلى نفسي، وأنظر أيضاً إلى علي (صلوات الله عليه) فأكون حريصاً على سلامة نفسي وإن كان ثمن ذلك أن أُلقي بعلي، وبدين علي، وبمنهج علي، وبتوجيهات علي عرض الحائط، هذا يعتبر من أسوأ الانحطاط الذي يمر به الإنسان.
هل يمكن أن أرى نفسي، أو أي واحد منا يرى نفسه أغلى من نفس علي (صلوات الله عليه)؟ هل يمكن لأحدٍ منا أن يرى نفسه، أن يرى دمه أغلى من دم علي (صلوات الله عليه)؟ لا يمكن لأحدٍ أن يقول لنفسه هكذا وإن كان واقع الكثير منا هكذا.
فعلي (عليه السلام) عندما وجدناه كان يستقبل ذلك الحدث الذي يتوقعه: أن يخضب دمُ رأسه لحيته ويسقط شهيداً, لم يكن منزعجاً من ذلك، كان الذي يزعجه هو ما يرى الأمة فيه وهي تسير باتجاه ذات الشمال، وهي تبتعد حيناً بعد حين, وتبتعد عن كتاب الله مسافات طويلة, وعن منهج رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) كان يتألم عندما يرى أن تلك الجهود التي بذلها الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وبذلها هو تحت لوائه, في مكة, وفي المدينة, في معارك الإسلام, كلها ضاعت هباء، وصارت هباءً منثوراً تحت أقدام وعلى أيدي من لم يكونوا يجرؤون في يوم من الأيام أن ينزلوا إلى ساحات الوغى لمواجهة أعداء الله.
لقد كان الإمام علي (عليه السلام) يخوض غمار الموت, ويقتحم الصفوف, في بدر, في أُحُد, في كل معارك الإسلام, بينما كان أولئك يجلسون جانباً, وَلَيْتَهم جلسوا جانباً من بعد ممات الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لا. كانوا في أثناء احتدام مواجهة الكفر يجلسون جانباً، وعندما نزل (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) إلى قبره, بل من قبل وهو لا يزال على فراش الموت بدؤوا يتحركون وينزلون إلى ساحة هذه الأمة؛ لينحرفوا بها عن نهج محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الذي من أجله كان يقتحم ساحات الوغى يقتحم الصفوف, وهو يواجه المشركين، ويواجه الرومان, ويواجه اليهود, ويواجه كل أصناف أعداء الإسلام، برزوا بعد!
هناك عبارة قالها أحد العلماء بالنسبة لعلي (صلوات الله عليه): [لو كانت الأمور تُقاس بمقاييـس الدنيـا لما رأينا أحداً يُعدُّ مظلوماً أكثر مما حصل على علي من الظلم] يجاهد، يعاني، يتعب في سبيل دين هو يعلم أنه دين عظيم، وفي خير هذه الأمة، وفي مصلحة هذه الأمـة، وفي عـزة هـذه الأمـة، ثم يرى أيادي تعبث بهذا الدين.
يتجه إلى تلك الأمة نفسها التي من أجلها جاهد، من أجلها عانى، من أجـل عزتها تعب، يحاول أن يحركها قبل أن يَعْظُم الخَطْب، في مرحلة كان يمكن أن يتلافى فيها ما حصل لم يحصل له استجابة، حرّك الزهراء (صلوات الله عليها)، حرك الجانب العاطفي، ماذا عمل أولئك عندما خطبت فيهم الزهراء؟ بكوا وقالوا: إن خطوتها ما تَخْرُم خطوة رسول الله، تذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في خطوة فاطمة، وخطى فاطمة، ومنطق فاطمة، ولم يتذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فيما ذكرتهم به فاطمة!
بكوا لغياب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ولم يبكوا لغياب دينه، لم يبكوا لغياب الديـن الـذي كان الرسول مستعداً من أجله أن يُقتل، وواجه المخاطر الشديدة من أجل هذا الدين.
BY التعبئة العامه جبهة باب غلق
Share with your friend now:
tgoop.com/newsghlq/8574