RAYSHAHRI Telegram 395
انتقدوني!
قال الشيخ محمد الريشهري: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قائدا كاملا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومعصوماً حسب الأدلة القوية القاطعة.

ولا ريب في سداد آرائه وأفكاره وممارساته، بيد أنه في الوقت نفسه لا يأذن للناس أن ينقدوه فحسب، بل يريد منهم - بجد - أن يجتنبوا التملق الذي يمثل عادة عامة عند مواجهة الجبابرة المستكبرين.

وإذا شاهدوا منه رأيا أو عملا خاطئا بزعمهم فعليهم أن ينقدوه بلا وجل، ويكونوا واثقين من أنه لا يمتعض من النقد، بل يمتعض من التملق والإطراء في غير محله.

والأعجب من ذلك كله أن الإمام (عليه السلام) لا يسمح بنقده في الظروف الاعتيادية والطبيعية للمجتمع الإسلامي فحسب بل يسمح به أيضا في أحرج ظروف الحكومة وفي أشد الحروب التي وقعت أيام خلافته، أي: في حرب صفين.

ألقى الإمام (عليه السلام) خطبة حماسية تحدث فيها عن الحقوق المتبادلة بين القائد والناس، ودور هذه الحقوق في بقاء الحكومات أو سقوطها، والتأكيد على ضرورة رعاية الناس حقوق القيادة.

عندها اهتاج أحد أصحابه (عليه السلام) اهتياجا شديدا، وطفق يثني على الإمام ويمجده وهو يعلن عن طاعته على أسلوب المداحين جميعهم.

لم يتأثر الإمام (عليه السلام) بمدحه وإطرائه، أو لم يأخذ بعين الاعتبار حتى الظروف الحساسة القائمة، فقال صلوات الله عليه: (إن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه.....فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه).

وخلص إلى القول : (فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني...) نص الإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة على إمكان خطئه لولا كفاية الله تعالى وحفظه وعصمته.

ومع أنه كان محفوظا بصيانة إلهية، بيد أنه طلب من الناس أن لا تمنعهم شخصيته السياسية والمعنوية عن نقده، وأكد أن لو رأوا عملا غالطا في حكومته فعليهم أن يذكروه.

بكلمة بديلة: أدان الإمام (عليه السلام) بشدة في جوابه لذلك المادح العادة السيئة المتمثلة بالثناء على الامراء ورجال السياسة في المجتمع الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى أراد أن يربي في نفوس الناس روح النقد والنظر العميق في أعمال المسؤولين عن النظام الإسلامي، حتى لو كان هؤلاء المسؤولون في أعلى المستويات - أي : معصومين - كما أراد أن يدرب القادة على قبول النقد.

• المصدر
القيادة في الإسلام ص ٣٥٥



tgoop.com/rayshahri/395
Create:
Last Update:

انتقدوني!
قال الشيخ محمد الريشهري: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قائدا كاملا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومعصوماً حسب الأدلة القوية القاطعة.

ولا ريب في سداد آرائه وأفكاره وممارساته، بيد أنه في الوقت نفسه لا يأذن للناس أن ينقدوه فحسب، بل يريد منهم - بجد - أن يجتنبوا التملق الذي يمثل عادة عامة عند مواجهة الجبابرة المستكبرين.

وإذا شاهدوا منه رأيا أو عملا خاطئا بزعمهم فعليهم أن ينقدوه بلا وجل، ويكونوا واثقين من أنه لا يمتعض من النقد، بل يمتعض من التملق والإطراء في غير محله.

والأعجب من ذلك كله أن الإمام (عليه السلام) لا يسمح بنقده في الظروف الاعتيادية والطبيعية للمجتمع الإسلامي فحسب بل يسمح به أيضا في أحرج ظروف الحكومة وفي أشد الحروب التي وقعت أيام خلافته، أي: في حرب صفين.

ألقى الإمام (عليه السلام) خطبة حماسية تحدث فيها عن الحقوق المتبادلة بين القائد والناس، ودور هذه الحقوق في بقاء الحكومات أو سقوطها، والتأكيد على ضرورة رعاية الناس حقوق القيادة.

عندها اهتاج أحد أصحابه (عليه السلام) اهتياجا شديدا، وطفق يثني على الإمام ويمجده وهو يعلن عن طاعته على أسلوب المداحين جميعهم.

لم يتأثر الإمام (عليه السلام) بمدحه وإطرائه، أو لم يأخذ بعين الاعتبار حتى الظروف الحساسة القائمة، فقال صلوات الله عليه: (إن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه.....فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه).

وخلص إلى القول : (فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن اخطئ ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني...) نص الإمام (عليه السلام) في هذه الخطبة على إمكان خطئه لولا كفاية الله تعالى وحفظه وعصمته.

ومع أنه كان محفوظا بصيانة إلهية، بيد أنه طلب من الناس أن لا تمنعهم شخصيته السياسية والمعنوية عن نقده، وأكد أن لو رأوا عملا غالطا في حكومته فعليهم أن يذكروه.

بكلمة بديلة: أدان الإمام (عليه السلام) بشدة في جوابه لذلك المادح العادة السيئة المتمثلة بالثناء على الامراء ورجال السياسة في المجتمع الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى أراد أن يربي في نفوس الناس روح النقد والنظر العميق في أعمال المسؤولين عن النظام الإسلامي، حتى لو كان هؤلاء المسؤولون في أعلى المستويات - أي : معصومين - كما أراد أن يدرب القادة على قبول النقد.

• المصدر
القيادة في الإسلام ص ٣٥٥

BY آية الله الشيخ محمد محمدي الري شهري


Share with your friend now:
tgoop.com/rayshahri/395

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

To delete a channel with over 1,000 subscribers, you need to contact user support With the sharp downturn in the crypto market, yelling has become a coping mechanism for many crypto traders. This screaming therapy became popular after the surge of Goblintown Ethereum NFTs at the end of May or early June. Here, holders made incoherent groaning sounds in late-night Twitter spaces. They also role-played as urine-loving Goblin creatures. Hui said the time period and nature of some offences “overlapped” and thus their prison terms could be served concurrently. The judge ordered Ng to be jailed for a total of six years and six months. How to Create a Private or Public Channel on Telegram? A new window will come up. Enter your channel name and bio. (See the character limits above.) Click “Create.”
from us


Telegram آية الله الشيخ محمد محمدي الري شهري
FROM American