معراج المعرفة

ما معنى «مغفرة من عندك»؟

في الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لما سأله أن يعلمه دعاءً يدعو به في صلاته: «فاغفر لي مغفرة من عندك».


لكي نفهم معنى هذه الجملة لا بد أن نعرف قاعدة مهمة وهي:

أن الأشياء التي يعطيها الله للعباد على نوعين:

الأول: ما يُعطاه العبد بسبب ظاهر يعمله ، كأن يعمل بوظيفة فيرزقه الله ، أو يأكل فيشبع ، أو يطلب العلم فيعلمه الله.

الثانية: ما يعطاه العبد بدون سبب ، بل بفضل الله ومنِّه وهِبَته سبحانه وتعالى؛ وهذا الصنف الذي يقال فيه "من عند الله" أو "من لدن الله" ، ولا يقال مثل هذا في النوع الأول وإن كانت الأمور كلها من عند الله وأمثلته في القرآن كثيرة:

منها: قوله تعالى: (قَالَ یَـٰمَرۡیَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ).

فالطعام الذي كان يأتي مريم ليس عن طريق كسب مباشر وإنما هبة من الله كرامة لمريم عليها السلام، مع أن كل الطعام الذي يأكله العباد هو من الله.

ومنها: قوله تعالى (قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَاۤ إِلَّاۤ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَیَیۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن یُصِیبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابࣲ مِّنۡ عِندِهِۦۤ أَوۡ بِأَیۡدِینَاۖ ).

فالعذاب الذي من عند الله هو أن يصيبهم بخسف أو صاعقة مما لا سبب من العبد فيه مباشر، وأما العذاب بأيدي المؤمنين فهم الذين باشروا القتل فهم سببُه

ومنها: قوله تعالى: (فَوَجَدَا عَبۡدࣰا مِّنۡ عِبَادِنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمࣰا).

فالعلم الذي آتاه الله للخضر ليس عن طريق طلب للعلم وإنما هو علم وهبه الله موهبة كرامة له.

فإذا تبيّن هذا: فإن معنى «مغفرة من عندك» أي اللهم اغفر لي مغفرة حتى لو لم أعمل بأسباب المغفرة؛ فإنه كما هو معلوم أن للمغفرة أسباباً التي عبّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بالعزائم كما في دعاء آخر: «وأسالك عزائم مغفرتك».
فالعبد قد يُغفر له ببذله لأسباب المغفرة، وقد يُغفر له بفضل من الله ومنَّة..

وبهذا البيان تعلم قدر هذا الدعاء، ولماذا اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليعلِّمَه لصدِّيق هذه الأمة وأحب الخلق إليه.

www.tgoop.com/rhmonknas/275

2.8K viewsMay 21 at 11:11

ما معنى «مغفرة من عندك»؟

في الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر لما سأله أن يعلمه دعاءً يدعو به في صلاته: «فاغفر لي مغفرة من عندك».


لكي نفهم معنى هذه الجملة لا بد أن نعرف قاعدة مهمة وهي:

أن الأشياء التي يعطيها الله للعباد على نوعين:

الأول: ما يُعطاه العبد بسبب ظاهر يعمله ، كأن يعمل بوظيفة فيرزقه الله ، أو يأكل فيشبع ، أو يطلب العلم فيعلمه الله.

الثانية: ما يعطاه العبد بدون سبب ، بل بفضل الله ومنِّه وهِبَته سبحانه وتعالى؛ وهذا الصنف الذي يقال فيه "من عند الله" أو "من لدن الله" ، ولا يقال مثل هذا في النوع الأول وإن كانت الأمور كلها من عند الله وأمثلته في القرآن كثيرة:

منها: قوله تعالى: (قَالَ یَـٰمَرۡیَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ).

فالطعام الذي كان يأتي مريم ليس عن طريق كسب مباشر وإنما هبة من الله كرامة لمريم عليها السلام، مع أن كل الطعام الذي يأكله العباد هو من الله.

ومنها: قوله تعالى (قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَاۤ إِلَّاۤ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَیَیۡنِۖ وَنَحۡنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمۡ أَن یُصِیبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابࣲ مِّنۡ عِندِهِۦۤ أَوۡ بِأَیۡدِینَاۖ ).

فالعذاب الذي من عند الله هو أن يصيبهم بخسف أو صاعقة مما لا سبب من العبد فيه مباشر، وأما العذاب بأيدي المؤمنين فهم الذين باشروا القتل فهم سببُه

ومنها: قوله تعالى: (فَوَجَدَا عَبۡدࣰا مِّنۡ عِبَادِنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمࣰا).

فالعلم الذي آتاه الله للخضر ليس عن طريق طلب للعلم وإنما هو علم وهبه الله موهبة كرامة له.

فإذا تبيّن هذا: فإن معنى «مغفرة من عندك» أي اللهم اغفر لي مغفرة حتى لو لم أعمل بأسباب المغفرة؛ فإنه كما هو معلوم أن للمغفرة أسباباً التي عبّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بالعزائم كما في دعاء آخر: «وأسالك عزائم مغفرتك».
فالعبد قد يُغفر له ببذله لأسباب المغفرة، وقد يُغفر له بفضل من الله ومنَّة..

وبهذا البيان تعلم قدر هذا الدعاء، ولماذا اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليعلِّمَه لصدِّيق هذه الأمة وأحب الخلق إليه.

BY معراج المعرفة