RWAYDADAAMY Telegram 2786
#عجيب_أمركم_أيها_الشهداء!!

لطالما أحببت أن أقرأ الكتب التي تتناول أخلاق الشهداء، لكن الكتاب هذه المرة كان مختلف تمامًا!!
وذلك عندما حضرت مجموعة من الطالبات الجامعيات للتطبيق في مدرستنا، وكانت أكبرهن عمرًا زوجة لأحد الشهداء، حينها قمت باستغلال الفرصة والتقرب منها أكثر لمعرفة تفاصيل حياة زوجها الشهيد، ذلك النوراني الذي أرى صورته يوميًا في الطريق، وقد كُتب قبل إسمه لقب (القائد البطل)..
صارت تتحدث لنا بمزيد من الفخر والاعتزاز وهي تقول:
كانت اخلاقه فوق كل شيء، هادئ، ودود، يستغرق في العبادة ليلاً حتى بزوغ الفجر، يبتعد عن المشاكل قدر المستطاع، يعاملني ويعامل أطفاله بمنتهى العطف والرقة، متواضع..
وقفت عند هذه النقطة وكأنها تريد أن تعطي هذه الصفة بالذات حقها!
عادت للحديث قائلة:
هل تصدقون بأنني كنت أتوقعه جندي عادي في الحشد الشعبي، لكن بعد استشهاده اكتشفت أنه كان قائد عمليات؟!
لم يكن يتفوه بكلمة واحدة عن مكانته العالية تلك، لكني كنت أراه كثير الإتصالات، يختفي فجأة من المنزل بدون مقدمات، يطيل المكوث في جبهات القتال، وعندما يعود للبيت يحاول أن يكون شخص عادي يقضي وقته بيننا أنا وأطفاله وبين العبادة والتوجه لله سبحانه وتعالى.
بعد استشهاده بفترة سمعت من الأهل والأصدقاء بأنه كان قائدًا عسكريًا مرموقًا، ويوجد تحت إمرته مئات الجنود والمقاتلين!!
لم أصدقهم في بادئ الأمر، لأنه لو كان كذلك لكنت أول من يعرف بالأمر، فأنا حبيبته وزوجته وأم أولاده!
إلى أن أتى ذلك اليوم الذي فتحت فيه التلفاز؛ لأتابع أخبار التطورات الحربية والعسكرية، فإذا بي أتسمّر أمام تقرير كامل عن زوجي الشهيد القائد!!!
عندما شاهدت ذلك التقرير الوثائقي ارتعدت فرائصي، إنه زوجي العطوف، الودود، البسيط، ولكني الآن أراه بهيئة قائد قوات عسكرية، يأمر وينهى ويتقدم تلك القوات، والجميع يسير خلفه!!
حينها بكيت وعرفت أي رجل كان هو، وأي تواضع كان يحمل في قلبه، بكيت لأني كنت ألومه وأعاتبه كثيرًا عندما يستعمل هاتفه أكثر من اللازم!!
ولطالما كنت أتضجر من حرصه غير المفهوم، وتوتره وقلقه حينما يسمع الأخبار، واختفاءه من بيننا مرات ومرات دون أن يخبرني، كنت أنتظر قدومه لأتشاجر معه؛ ولأخبره بأني ما عدت أتحمل وضعي معه، لكنه كان يبتسم ويطبطب على كتفي وكفى!!
هنا بكيت وتأسفت على الماضي القريب، صرت أنظر لوجهه في التلفاز وأنا أخاطبه:
لماذا لم تخبرني بأنك كنت قائدًا للعمليات العسكرية في ساحة المعركة؟! لماذا كنت تبتسم وتصمت دون أن تدافع عن نفسك؟!
لماذا كنت تتحمل كلماتي القاسية وشجاراتي المستمرة معك وأنت تستطيع بكلمة واحدة أن تُنهي كل شيء!!
كم مرة لملمت أغراضي واتصلت بأهلي ليأتوا ويأخذوني فما عدت أطيق كثرة غيابك عنا، فكنت تأخذ بيدي وتعيدني إلى غرفتنا وأنت تعدني بأن الأمور ستعود إلى الهدوء وستنتهي كل هذه الفوضى في حياتنا ما إن تنتهي الحرب!!
لماذا لم أكن أفهم حينها بأنك كنت صاحب شأن كبير في تلك الحرب ولست جنديًا عاديًا كما كنت أتوقع؟ كيف لم تجعلني أشك ولو للحظة بذلك الأمر، وكيف تحملت كل هذه السنوات دون أن تنبس بكلمة واحدة توحي لي بأنك كنت قائدًا؟!!!
انتهت تلك الزوجة الحزينة من سرد قصتها مع ذلك الشهيد القائد، وبقيت أنا مستغرقة في تأملاتي عن ذلك الشهيد، كانت كلماتها عنه تشبه كثيرًا كلمات بقية زوجات الشهداء الذين أقرأ عنهم واستمتع بتقصي أخلاقهم والتفاصيل الدقيقة لحياتهم..
شكرتها من كل قلبي فلقد شعرت وأنا أستمع إليها وكأني أجلس وبيدي كتاب رائع يتحدث عن أخلاق الشهداء!
بعدها وكلما مررت على صورة ذلك القائد سواء في طريق مدرستي أو في مركز المدينة وشوارعها الرئيسية حيث انتشرت صوره، ألقي عليه التحية، وأستذكر كل كلمة قالتها زوجته عنه، فأستشعر حقيقة تضحيات هؤلاء الرجال ومعاناتهم ومعاناة عوائلهم؛ في سبيل أن نبقى نحن أحرارًا آمنين في أوطاننا، وكذلك اليوم نحن بفضل الله تعالى وبفضل دمائهم الطاهرة.

رويدة الدعمي

في ذكرى يوم النصر
10/12/2024



tgoop.com/rwaydadaamy/2786
Create:
Last Update:

#عجيب_أمركم_أيها_الشهداء!!

لطالما أحببت أن أقرأ الكتب التي تتناول أخلاق الشهداء، لكن الكتاب هذه المرة كان مختلف تمامًا!!
وذلك عندما حضرت مجموعة من الطالبات الجامعيات للتطبيق في مدرستنا، وكانت أكبرهن عمرًا زوجة لأحد الشهداء، حينها قمت باستغلال الفرصة والتقرب منها أكثر لمعرفة تفاصيل حياة زوجها الشهيد، ذلك النوراني الذي أرى صورته يوميًا في الطريق، وقد كُتب قبل إسمه لقب (القائد البطل)..
صارت تتحدث لنا بمزيد من الفخر والاعتزاز وهي تقول:
كانت اخلاقه فوق كل شيء، هادئ، ودود، يستغرق في العبادة ليلاً حتى بزوغ الفجر، يبتعد عن المشاكل قدر المستطاع، يعاملني ويعامل أطفاله بمنتهى العطف والرقة، متواضع..
وقفت عند هذه النقطة وكأنها تريد أن تعطي هذه الصفة بالذات حقها!
عادت للحديث قائلة:
هل تصدقون بأنني كنت أتوقعه جندي عادي في الحشد الشعبي، لكن بعد استشهاده اكتشفت أنه كان قائد عمليات؟!
لم يكن يتفوه بكلمة واحدة عن مكانته العالية تلك، لكني كنت أراه كثير الإتصالات، يختفي فجأة من المنزل بدون مقدمات، يطيل المكوث في جبهات القتال، وعندما يعود للبيت يحاول أن يكون شخص عادي يقضي وقته بيننا أنا وأطفاله وبين العبادة والتوجه لله سبحانه وتعالى.
بعد استشهاده بفترة سمعت من الأهل والأصدقاء بأنه كان قائدًا عسكريًا مرموقًا، ويوجد تحت إمرته مئات الجنود والمقاتلين!!
لم أصدقهم في بادئ الأمر، لأنه لو كان كذلك لكنت أول من يعرف بالأمر، فأنا حبيبته وزوجته وأم أولاده!
إلى أن أتى ذلك اليوم الذي فتحت فيه التلفاز؛ لأتابع أخبار التطورات الحربية والعسكرية، فإذا بي أتسمّر أمام تقرير كامل عن زوجي الشهيد القائد!!!
عندما شاهدت ذلك التقرير الوثائقي ارتعدت فرائصي، إنه زوجي العطوف، الودود، البسيط، ولكني الآن أراه بهيئة قائد قوات عسكرية، يأمر وينهى ويتقدم تلك القوات، والجميع يسير خلفه!!
حينها بكيت وعرفت أي رجل كان هو، وأي تواضع كان يحمل في قلبه، بكيت لأني كنت ألومه وأعاتبه كثيرًا عندما يستعمل هاتفه أكثر من اللازم!!
ولطالما كنت أتضجر من حرصه غير المفهوم، وتوتره وقلقه حينما يسمع الأخبار، واختفاءه من بيننا مرات ومرات دون أن يخبرني، كنت أنتظر قدومه لأتشاجر معه؛ ولأخبره بأني ما عدت أتحمل وضعي معه، لكنه كان يبتسم ويطبطب على كتفي وكفى!!
هنا بكيت وتأسفت على الماضي القريب، صرت أنظر لوجهه في التلفاز وأنا أخاطبه:
لماذا لم تخبرني بأنك كنت قائدًا للعمليات العسكرية في ساحة المعركة؟! لماذا كنت تبتسم وتصمت دون أن تدافع عن نفسك؟!
لماذا كنت تتحمل كلماتي القاسية وشجاراتي المستمرة معك وأنت تستطيع بكلمة واحدة أن تُنهي كل شيء!!
كم مرة لملمت أغراضي واتصلت بأهلي ليأتوا ويأخذوني فما عدت أطيق كثرة غيابك عنا، فكنت تأخذ بيدي وتعيدني إلى غرفتنا وأنت تعدني بأن الأمور ستعود إلى الهدوء وستنتهي كل هذه الفوضى في حياتنا ما إن تنتهي الحرب!!
لماذا لم أكن أفهم حينها بأنك كنت صاحب شأن كبير في تلك الحرب ولست جنديًا عاديًا كما كنت أتوقع؟ كيف لم تجعلني أشك ولو للحظة بذلك الأمر، وكيف تحملت كل هذه السنوات دون أن تنبس بكلمة واحدة توحي لي بأنك كنت قائدًا؟!!!
انتهت تلك الزوجة الحزينة من سرد قصتها مع ذلك الشهيد القائد، وبقيت أنا مستغرقة في تأملاتي عن ذلك الشهيد، كانت كلماتها عنه تشبه كثيرًا كلمات بقية زوجات الشهداء الذين أقرأ عنهم واستمتع بتقصي أخلاقهم والتفاصيل الدقيقة لحياتهم..
شكرتها من كل قلبي فلقد شعرت وأنا أستمع إليها وكأني أجلس وبيدي كتاب رائع يتحدث عن أخلاق الشهداء!
بعدها وكلما مررت على صورة ذلك القائد سواء في طريق مدرستي أو في مركز المدينة وشوارعها الرئيسية حيث انتشرت صوره، ألقي عليه التحية، وأستذكر كل كلمة قالتها زوجته عنه، فأستشعر حقيقة تضحيات هؤلاء الرجال ومعاناتهم ومعاناة عوائلهم؛ في سبيل أن نبقى نحن أحرارًا آمنين في أوطاننا، وكذلك اليوم نحن بفضل الله تعالى وبفضل دمائهم الطاهرة.

رويدة الدعمي

في ذكرى يوم النصر
10/12/2024

BY الكاتبة رويدة الدعمي


Share with your friend now:
tgoop.com/rwaydadaamy/2786

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading. Concise “Hey degen, are you stressed? Just let it all out,” he wrote, along with a link to join the group. In the “Bear Market Screaming Therapy Group” on Telegram, members are only allowed to post voice notes of themselves screaming. Anything else will result in an instant ban from the group, which currently has about 75 members. Find your optimal posting schedule and stick to it. The peak posting times include 8 am, 6 pm, and 8 pm on social media. Try to publish serious stuff in the morning and leave less demanding content later in the day.
from us


Telegram الكاتبة رويدة الدعمي
FROM American