tgoop.com/wa_ma_ramaita/2304
Last Update:
في يومي الطبيعي، وفي توقيتٍ مثاليٍّ تمامًا، أحاول جاهدًا أن أتلقَّف لحظات الرضا والسكينة من بين آلاف اللحظات الأخرى التي تدور عليَّ بدوائرها، أشعر خلالها أني بخير، وأني أحمل الدنيا كفلين منها على كفيَّ: راحة البال، وطيب العيش.
ربما أدركت مليًّا أن السعادة -بكامل تجلياتها- نعمةٌ كبرى لا تناسب حياتنا الدنيا، ثمرةٌ اصطفاها الله لعباده في الجنة، وكل ما يتلقَّفه المرء أحيانًا من السرور والطمأنينة ولذة الأشياء، إنما هي نفحاتٌ ربانيةٌ يهبها لمن يشاء ممن عمل صالحًا، وعلى المرء الشكر والتسليم في الشدائد قبل الفرجات: ”فلنحيينَّه حياةً طيبةً“.
يتقارب المرء فيها بقدر حاجته إلى الأنس، ويبتعد بقدر حاجته إلى الانعزال، فيؤنسني الأصدقاء والغرباء والأهل والأقربون، وأُنسي في خلوتي بين جمالات الطبيعة أعظم. يلفني الحزن فيجبرني الصبر، ويتعسني الشقاء فيحملني الرضا، وفي كل مرةٍ أصاب باليأس أتذكر رحمة ربي؛ أشقى ساعةً وأنعم أخرى.
ويحي، كيف لي أن أتذمر؟! لقد كافأني الله بآلاءٍ لا أستحقها، رزقني أبوين عطوفين وأخوين مثلهما، ولسانًا أتمتم به، وعينين بصيرتين أرى فيهما جمال الخالق في تدابيره، وحرفًا منَّ به عليَّ فأطرح به خلجات نفسي حين يغرق الآخرون في بحور دواخلهم، أوليس هذا مدعاةٌ للرضا والشكر على كل حال؟ لكني تناسيت حظي من البلاء حين شُغلت عن النعم بإلفها، وفقدت رضاي يوم نظرت إلى ما في يد العباد.
على كلٍّ لو كانت النجاة ولب العيش في اجتماع الخلق وتشاركهم لما حشر الله الناس فرادى، وما أبويَّ وأصحابي وزوجتي التي اصطفاها -إن شاء- الله لي وذريتي منها، إلا رفقاء رحلتي كلٌّ يشاركني فيها بما قدر له. هذه حقيقةٌ حزينةٌ وصادمةٌ بعض الشيء، لكنها كفيلةٌ بخفض سقف التوقعات قليلًا.
أنا هنا وحدي، في عيشي ومماتي ويوم بعثي، شقائي وسعادتي في روحي، وجنتي أو ناري من صنيع يدي، وبينهما تتجلى رحمة ربي فوسعت كل شيءٍ. وأما الفائز في النهاية من خسر الدنيا وربح الآخرة، فأوتي كتابه بيمينه وأشرق وجهه، و”أصحاب الجنة يومئذٍ خيرٌ مستقرًّا وأحسن مَقِيلًا“.
- عبد الرحمن القلاوي.
BY |هَـٰذِهِ سَبِيــــلِي|
Share with your friend now:
tgoop.com/wa_ma_ramaita/2304